كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
بعض العلماء: هو الحجر الذي هرب بثوبه وقصته مشهورة، وسيأتي الكلام عليها في تفسير سورة الأحزاب في قوله تعالى: {لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: آية 69] لأن نبي الله موسى كان بنو إسرائيل في زمنه يذهبون إلى البحر فيغتسلون بعضهم ينظر إلى بعض وهم عراة، وكان نبي الله موسى لا يغتسل حيث يراه أحد، بل يبعد ويغتسل من حيث لا يراه أحد، وكانوا يقولون: ما منعه أن يغتسل بمرأى منا إلا أنه آدر، والآدر: المصاب بالأُدرة، والأُدرة انتفاخ إحدى الخصيتين حتى تعظم وتكبر من مرض. فيومًا وضع ثوبه على حجر فأجرى الله الحجر بالثوب إلى جماعة بني إسرائيل، فاشتد موسى يعدو في أثر الحجر يقول: ثوبي يا حجر، ثوبي يا حجر، حتى رآه بنو إسرائيل كأحسن ما يكون من الرجال، سالمًا من الأُدرة كل السلامة، فقالوا: والله ما بموسى من بأس (¬1). ويذكر بعضهم أنه قيل له: احتفظ بهذا الحجر فإن له لشأنًا، وأنه هو الذي كان يضربه بعصاه. وكل هذه مقالات إسرائيلية لا ثبوت لشيء منها، هذا معنى قوله: {أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}.
قال في سورة البقرة: {فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: آية60] وقال في سورة الأعراف هنا: {فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} وأكثر علماء العربية على أن معنى (الانبجاس)
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في الغسل، باب من اغتسل عريانًا وحده، حديث رقم: (278)، (2/ 385) وأطرافه: في (3404، 4799). ومسلم في الفضائل، باب من فضائل موسى، حديث رقم: (339)، (4/ 1841) وفي الحيض، باب جواز الاغتسال عريانًا في الخلوة، حديث ر قم: (339) (1/ 267).