كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

{وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ} الغمام: هو السحاب، وهو وعاء الماء. قالوا: وهو سحاب أبيض رقيق يُظَلِّلُهُمُ اللهُ به ويَقِيهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ.
{وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} أكثر المفسرين على أن (المن) هو الترنجبين، والترنجبين شيء يشبه العسل الأبيض ينزل كنزول الندى والثلج ثم يجتمع كثيرًا، لونه أبيض، وطعمه طعم العسل، فهو عسل أبيض، أو شيء يشبه العسل الأبيض، بالغ في الحلاوة واللذاذة.
وقال بعض العلماء: المن أعم من هذا، واستدلوا بحديث الصحيحين الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث سعيد بن زيد (رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» (¬1) وفي بعض رواياته: «مِنَ المَنِّ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى» جاءت في بعض روايات الحديث. فبعض العلماء يقول: الظاهر أن المَنَّ كان أعم من الترنجبين. وأكثر علماء التفسير يقولون: هو الترنجبين، والحديث على نوع التشبيه. وظاهر حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن الكمأة من ذلك المن الذي أُنزل إليهم (¬2).
وقوله: {وَالسَّلْوَى} التحقيق أن المراد بالسلوى طائر، وعليه جماعة المفسرين (¬3)، قال بعض العلماء: هو طائر يشبه السُّمَانَى، وقال بعض العلماء: هو السُّمَانَى بعينه، وهو طائر. فالترنجبين شبه الشراب والفاكهة، والسُّمَانَى لحم طير لذيذ. فهو أكل وغذاء عظيم لذيذ.
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (57) من سورة البقرة.
(¬2) السابق.
(¬3) مضى عند تفسير الآية (57) من سورة البقرة.

الصفحة 257