كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
آية 61] ولما أُمروا بدخول هذه القرية وبسُكْنَاها أُمروا بالأكل من ذلك أمر إباحة وتكريم {وَكُلُواْ مِنْهَا} أي: من ثمارها وحبوبها وزروعها وغير ذلك.
وقوله: {حَيْثُ شِئْتُمْ} أصل (حيث) في لغة العرب كلمة تدل على المكان كما تدل (حين) على الزمان، وربما ضُمِّنت معنى الشرط، ويجوز في العربية لا في القراءة تثليث فائها وإبدال يائها واوًا كما هو معروف في علم العربية (¬1).
قوله: {شِئْتُمْ} أي: مِنْ أَيّ مكان من هذه القرية أرَدْتُمْ أن تأكلوا مِنْ ثِمَارِهَا وحبوبها، وهذا معنى قوله: {وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ} وهذا الأكل رَغدًا بدليل ما تقدم في سورة البقرة: {فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} [البقرة آية 58].
وقوله: {وَقُولُواْ حِطَّةٌ} لما كان في التيه مات نبي الله هارون أولاً، ثم مات موسى في التيه كما أطبق عليه المؤرخون (¬2). ثم إن خليفة موسى كان يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف، وهو الذي فتح الله عليه هذه القرية قرية الجبارين بيت المقدس أو أريحا، وقيل غير ذلك. لما فتح الله عليهم أَمَرَهم أن يشكروا لله نعمته التي أنعمها عليهم فأمرهم بقول، وأمرهم بفعل، أما الفعل: فقد أمرهم بأن يدخلوا الباب سُجَّدًا، أي: يدخلوا من باب القرية التي فتحها الله لهم سُجَّدًا. قال بعض العلماء: المُراد بالسجود هنا: الركوع تواضعًا وانحناءً وتعظيمًا لله، وشكرًا له على نعمة الفتح. وقال بعض
¬_________
(¬1) السابق.
(¬2) السابق.