كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

العلماء: هو السجود على الجَبْهَة، يسجدون (¬1). ثم إنهم أُمروا أيضًا بقول، وهو أن يدخلوا الباب وهم يقولون: (حطة) وأكثر المفسرين -وهو ظاهر القرآن والأحاديث الصحيحة- أنهم تُعبدوا بهذه اللفظة (حطة). وقراءة الجمهور التي لا يجوز العدول عنها: {حِطَّةٌ} بالرفع، وهي خبر مبتدأ محذوف، أي: مسألتنا حطة، والحطة فِعْلة من الحط الذي هو الوضع. والمعنى: مسألتنا لربنا هي حِطَّةٌ لذنوبنا وأوزارنا. معناه: مسألتنا لك أن تحط عنا ذنوبنا وأوزارنا، فهي كلمة استغفار تُؤْذِنُ بِحَطِّ الذنوب ووضع الأوزار، وهي خَبَر مبتدأ محذوف، (فِعْلَة) من الحط، بمعنى الوضع، هذا معناه. وقال بعض العلماء: الحطة: الكلمة التي تحط الذنوب، وهي لا إله إلا الله، والقول الأول أظهر.
وقد ثبت في صحيح البخاري وغيرِه من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) أنهم أُمروا بقول وأمروا بفعل، وأَمْرهم بالقول والفعل كلاهما مذكور في القرآن؛ لأن الله أمرهم بأن يدخلوا الباب سجدًا، وهو الفعل الذي أُمروا به، وأمرهم أن يقولوا: حطة، وهو القول الذي أُمروا به، وفي حديث أبي هريرة عند البخاري وغيره أنهم بدلوا القول الذي قيل لهم بقول غيره، وبدلوا الفعل الذي قيل لهم بفعل غيره؛ ولذا قال تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [الأعراف: آية 162] قال بعض العلماء: في الكلام حذفان، أي: فبدل الذين ظلموا بالقول الذي قيل لهم قولاً غير الذي قيل لهم، وبالفعل الذي قيل لهم فعلاً غير الذي قيل لهم، فالفعل الذي قيل لهم -وهو دخولهم الباب سجدًا- بدلوه فدخلوا يزحفون على أستاههم، كما ثبت
¬_________
(¬1) السابق.

الصفحة 262