كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
في حديث البخاري المذكور (¬1)، وبدلوا القول الذي قيل لهم فقالوا مكان حطة: حبة في شعرة. وفي بعض روايات الحديث في غير البخاري: حنطة في شعرة. فبدلوا القول وبَدَّلُوا الفِعْلَ، وقابلوا نعم الله بالكفران والمعصية في الأقوال والأفعال -عياذًا بالله- وهذا معنى قوله: {وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ} [الأعراف: آية 161].
في هاتين الكلمتين بضميمة إحداهما إلى الأخرى أرْبَعُ قِراءَات سَبْعِيَّات كلها صحيحة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم (¬2)، فقرأه نافع وحده من السبعة {وادْخُلُوا الباب سُجَّدًا تُغْفَرْ لكُمْ خَطِيئاتُكُمْ} بضم تاء (تُغفَر) وفتح الفاء مبنيًّا للمفعول. و (خطيئاتُكم) هو جمع مؤنث سالم، هو نائب فاعل (تُغْفَر) فهذه قراءة نافع وحده.
وقرأه الشامي -أعني ابن عامر- وحده من السبعة: {وقُولُوا حِطَّة وادْخُلوا البَابَ سُجَّدًا تُغْفَرْ لَكُمْ خَطِيئَتُكُمْ} فقراءة ابن عامر كقراءة نافع إلا أن نافعًا قال: {خَطِيئَاتُكُمْ} بالجمع، وابن عامر قرأ {خَطِيئتُكُمْ} بالإفراد، واكتسبت العموم من إضافتها إلى الضمير.
وقرأ أبو عمرو وحده: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِر لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} بـ (نغفر) بنون العظمة، و (خطاياكم) جمع تكسير.
وقرأ الباقون من السَّبْعَةِ وهم: ابن كثير، وعاصِم، وحمزة، والكِسَائي: {وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (59) من سورة البقرة.
(¬2) انظر المبسوط لابن مهران ص215، وراجع ما سبق عند تفسير الآية (58) من سورة البقرة.