كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

خَطِيئَاتِكُمْ} بكسر التاء جمعًا مؤنثًا سالمًا، والكسرة علامة النصب. هذه القراءة -في الآية- الصحيحة، ومعناها شيء واحد كما ترون.
الغفران في لغة العرب: هو الستر والتغطية.
والخطايا والخطيئات: جمع خطيئة وهي الذنب العظيم الذي يستحق صاحبه النكال يُقال لها: (خَطِيئَة) و (خِطْء) ومنه قوله: {إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: آية 31] ويقال لمرتكبها عمدًا: (خاطِئ) ومنه قوله: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)} [العلق: آية 16] وقوله: {وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (36) لاَ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ (37)} [الحاقة: الآيتان 36، 37] فالخاطئ بصورة الفاعل إنما هو على مرتكب الخطيئة عمدًا، أما مرتكب الذنب غير عامد فهو المُسمَّى بالمخطئ، فلا يقال له: خاطئ كما هو معلوم.
وعلى قراءة (نغفر) فصيغة الجمع للتَّعْظِيمِ، عظم الله (جل وعلا) نفسه، هذا معنى قوله: {نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ}.
{سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: آية 161] هذا استئناف، فكأن قائلاً قال: وماذا بعد غفران الخطايا؟ قال: سنزيد المحسنين. السين للتنفيس، وهو وعد صادق من الله.
واختلفت عبارات المفسرين في المراد بالمحسنين، ولا ينبغي أن يُختلف فيه؛ لأن خير ما يُفسر به كتاب الله بعد كتاب الله سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد فسر المحسنين تفسيرًا ثابتًا في الصحيح فلا ينبغي العدول عنه لغيره وذلك ما هو مشهور في حديث جبريل لما جاء في صورة الأعرابي وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا محمد أخبرني عن الإحسان».

الصفحة 264