كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

يجوز أن يكون الحاكم ظالمًا؟ قال: نعم إذا كان عالمًا» (¬1) يجوز أن الحاكم إذا كان يضرب لبنه قبل أن يروب لا مانع من توليته إذا كان من أهل العلم. وهذا معنى مطروق في كلام العرب، ومنه قول الشاعر (¬2):
وقَائِلَةٍ ظَلَمْتُ لَكُم سِقَائِي ... وهَلْ يَخْفَى عَلَى العَكدِ الظَّلِيمِ

(ظلمت لكم سقائي) أي: ضَرَبْتُهُ لكم قبل أن يروب. والعَكَد: عصب اللسان، لا يخفى عليه اللبن المضروب قبل أن يروب من غيره. ونظيره قول الآخر (¬3):
وصَاحبِ صِدْقٍ لم تردني شَكَاتُه ... ظَلَمْتُ وفي ظَلْمِي له عامدًا أجْرُ

يعني سقاءه ضربه قبل أن يروب. ومن هذا المعنى قيل للأرض التي حُفر فيها وليست محلاً للحَفْرِ مظلومة، ومنه قول نابغة ذبيان (¬4):
إلا الأَوَارِيَّ لأْيًا ما أُبَيِّنُها ... والنُؤيُ كالحَوْضِ في المظْلُومَةِ الجَلَدِ

وقالوا لتراب القبر: ظليم. فعيل بمعنى مفعول؛ لأنه مظلوم؛ لأن القبر يُحْفَرُ غَالِبًا في محل ليس محتاجًا للحفر سابقًا، ومنه قول الشاعر يصف رجلاً مقبورًا (¬5):
فأَصْبَحَ في غَبْراءَ بعد إِشَاحَةٍ ... من العَيشِ مردودٍ عليها ظَلِيْمُها
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (51) من سورة البقرة.
(¬2) السابق.
(¬3) السابق.
(¬4) السابق.
(¬5) السابق.

الصفحة 268