كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
{يَعْدُونَ} معناه: يجاوزون حدود الله، وينتهكون أوامره باصْطِيَادِ السَّمَكِ يَوْمَ السبت {إِذْ تَأْتِيهِمْ} حين تأتيهم {حِيتَانُهُمْ} الحيتان: جمع حوت، وياؤه مبدلة من واو؛ لأن أصل الحوت ثلاثي واوي العين، زيدت في جمعه الألف والنون وأُبدلت الواو ياء لسكونها بعد كسرة، كما في (الميزان) من الوزن، و (الميعاد) من الوعد، و (الميقات) من الوقت، و (الحيتان) ياؤه مبدلة من واو جمع حوت (¬1).
{إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ} السبت مصدر سَبَتَ اليهود سَبتًا إذا عظموا يوم السبت بالانقطاع للعبادة فيه وترك صيد السمك. وهذا معنى قوله: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعراف: آية 163] {شُرَّعًا} جمع شارع. قال بعض العلماء: تأتيهم مقبلة، تأتيهم الحيتان مقبلة ظاهرة على وجه الماء كأنها صفوف كثيرة حتى تستر وجه الماء من كثرتها، فالشُرَّع على هذا بمعنى الظاهرة المقبلة على وجه الماء، والعرب تقول: شرعت على فلان فوجدته يفعل كذا. معناه: أقبلت عليه حتى قربت منه فوجدته يفعل كذا.
{وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ} أي يوم لا يعظمون السبت؛ لأنه يوم آخر من أيام الأسبوع {لاَ تَأْتِيهِمْ} فتنة لهم وامتحانًا {كَذَلِكَ نَبْلُوهُم} {كَذَلِكَ} البلاء العظيم {نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}. {نَبْلُوهُم} معناه: نختبرهم بسبب كونهم فاسقين، فقد ابتُلوا بالطمع ولم ينجحوا، وقد ابتُلوا بالخوف ولم ينجحوا؛ لأن الابتلاء الذي يميِّز
¬_________
(¬1) انظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال ص87.