كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
هذا الحرف ابن كثير والكوفيون -أعني عاصمًا وحمزة والكسائي-: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} على وزن (فعِيل). والعذاب البئيس: هو العذاب الشديد العظيم الذي وقْعُه شديد على صاحبه.
وقرأه نافع في روايتي ورش وقالون: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} بباء مكسورة بعدها ياء ولا همزة فيه. وأصل هذه القراءة كما قاله بعض العلماء: (بَئِس) على وزن (فَعِل) فخففت، كما تقول في (كَبِدٍ): (كِبْدٍ) فقيل: (بِئْس) وخففت الهمزة أيضًا فقيل: (بِيس) ومعناه عائد إلى الأَوَّل.
وقرأه ابن عامر: {بِعَذَابٍ بئْسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} كقراءة نافع إلا أن ابن عامر همز الياء فقال: {بعذابِ بِئْسٍ بما كانوا يفسقون}.
أما أبو بكر -أعني شعبة عن عاصم - فله روايتان: أحدهما توافق قراءة الجمهور، وهي قوله: {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} وروى أبو بكر شعبةُ روايةً أخرى عن عاصم: {بعذاب بَيْئَس بما كانوا يفسقون} (بيْئس) على وزن (ضَيْغَم) والعذاب البيئَس: هو الشديد أيضًا، ورجل بَيْئَس: شديد البأس، ومنه قول امرئ القيس بن عابس الكندي (¬1):
كِلاهُمَا كَانَ رَئِيسًا بَيْئَسًا ... يَضْرِبُ فِي يَوْمِ الهيَاجِ القَوْنَسَا
وهذا معنى قوله: {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} [الأعراف: آية 165] الباء سببية، و {مَا} مصدرية. والفسق في لغة
¬_________
(¬1) البيت في ابن جرير (13/ 200)، البحر المحيط (4/ 413)، الدر المصون (5/ 496).