كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

تقوى الأدمغة» يومًا ما. فالقرآن طافح بهذا بكثرة، والسنة النبوية طافحة بهذا بكثرة.
أما الذين يقلدون ملاحدة الإفرنج فهم على نوعين: من جاء منهم بطريق لا تُكذب القرآن فما علينا منه، ومقالته لا نتعرض لها؛ لأن كل ما يصعب علينا هو ما يعارض نصوص السماء التي أنزلها خالق السماوات والأرض، فإذا جاء بما يخالفه مخالفة قطعيّة وجب علينا أن نرد عليه ونكذبه، وإن كان لم يكن هناك مخالفة فمَنْ عنده دليل خاص فليُبْرِزه، ومن ليس عنده فليسكت.
وهنا تجب مسألة: يجب على المسلمين أن يتحفظوا كل التحفظ من أن يُحَمّلُوا القرآن ما لا يحتمله، فعلينا أن لا نقول: إن الله قال في كتابه هذا إلا بعد اليقين الجازم والتحري العظيم، خوفًا أن يكون ذلك الظاهر الذي نفهمه غير المراد فنقول على الله بغير حق، ويكون الحق عند غيرنا. هذا أمر يجب أن يُتحفظ منه. ولكن الآيات القرآنية الدالة على أن العقل في القلب لا تكاد تحصيها، وهو أمر قطعي لا نزاع فيه.
أما الذين قالوا من فلاسفة الملاحدة: إن مركز العقل مثلاً: القلب، ولكن نوره روحاني يمتد نوره فيتصل شعاعه بالدماغ؛ ولذا من قال: إنه في الدماغ لم يكذب لاتصال أحد طرفيه به، من قال هذا وجاء بهذا فما علينا منه، وقد يمكن أن يكون صادقًا، ولم يأتِ بما يخالف نصوص ربنا، فلو قال هذا فهو أهون. أما الذي يقطع علاقة العقل بتاتًا بالقلب، ويقول: كله في الدماغ. فهذا الذي نقول له: كذاب، كذاب، كذاب؛ لأن الله يقول: إنه في القلب.

الصفحة 42