كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

وقد ذكرنا فيما مضى (¬1) أن البينة جاء من تصاريفها في القرآن ولغة العرب أربعة تصاريف، واحد منها مجرد وثلاثة مزيدة -وهذا محل النسيان- لأنها جاءت على خمسة أنواع، أربعة منها مزيدة وواحد مجرد، ومن هنا وقع الغلط، وكنا نريد إذا جئنا بمناسبة كهذه أن نتدارك النسيان السابق لنبين القسم الذي سقط. اعلموا أولاً: أن هذه المادة أعنى مادة (الباء والياء والنون) (ب، ي، ن) جاء منها لفظ (بان) ثلاثيًّا مجردًا، ومنه هذه؛ لأن قوله: {وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ} [الأعراف: آية 101]، البينات: وزنه (فيعلات) وهو من (بان) الثلاثية بلا نزاع عند من يعرف فن الصرف معرفة معروفة، فـ (بان) الثلاثي المجرد دل عليه قوله: {فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ} {جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ} [الأنعام: آية 157] لأنها (فَيْعِلَة) وهي من (بان) الثلاثية المجردة بلا نزاع عند مَنْ له إلمام بموازين الصرف وأصوله. هذا الوجه المجرد، وهذا لازم في القرآن، وفي اللغة العربية، ولم يُسمع متعديًا بقية الأوزان الأربعة المزيدة التي تُستعمل لازمة ومتعدية. ذكرنا فيما مضى منها ثلاثة، وهي: (أبان) بزيادة الهمزة على وزن (أفعل) ومن هذه المادة قوله في جميع القرآن: {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)} [الدخان: آية 2] {وَكِتَابٍ مُّبِينٍ} [النمل: آية 1] لأن المبين هو الوصف من (أبان) الرباعية بالهمزة بلا نزاع عند من له إلمام بالفن.
[وقد قدمنا الكلام على هذه المسألة] (¬2)
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (55) من سورة الأنعام.
(¬2) في هذا الموضع كلام غير واضح. وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.

الصفحة 47