كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
وهذه الآية وأمثالها في القرآن نصوص صريحة على أن الإيمان يزيد كما أنه ينقص (¬1)؛ لأن الآيات الدالة على أن الإيمان يزيد متعددة في كتاب الله، كقوله هنا: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} وقوله: {فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} إلى قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: الآية 124] {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: الآية 4] {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: الآية 31] ونحو ذلك من الآيات، وهذه الآيات المصرحة بزيادة الإيمان تدل بدلالة الالتزام على أن الإيمان ينقص بنقص الأعمال، وقد جاء مصرحًا بذلك من النبيّ صلى الله عليه وسلم في أحاديث الشفاعة المتواترة: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ» (¬2)
ونحو ذلك من الآيات، فالذي ليس في قلبه إلا وزن حبة أو شعيرة من إيمان فلا شك أن إيمانه ناقص، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بزيادة الأعمال الصالحة، وينقص بنقصانها، كما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقول المتكلمين:
¬_________
(¬1) انظر: الإيمان لأبي عبيد ص24، الإيمان للعدني ص94، الإيمان لابن منده (1/ 345)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (5/ 890)، الشريعة للآجري ص111، أصول السنة لابن أبي زمنين (رياض الجنة ص211)، تعظيم قدر الصلاة (1/ 356) الإيمان لابن تيمية ص211، تفسير ابن كثير (2/ 285، 402)، (3/ 74)، شرح الطحاوية ص466، زيادة الإيمان ونقصانه لعبد الرزاق البدر، الأضواء (2/ 346).
(¬2) البخاري في الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه. حديث رقم: (44) (1/ 103) وأطرافه: (4476، 6565، 7410، 7440، 7509، 7510، 7516). ومسلم في الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، حديث رقم: (193) (1/ 182) ..