كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

فقد بينَّا (¬1) أن (أبان) بالهمزة تكون متعدية وتكون لازمة، وذكرنا شواهد ذلك، وقلنا: إن من إتيانها متعدية: أبان حجته، وأبان للناس ما كان يخفى عنهم، وأنها تأتي لازمة، ومنه: {وَكِتَابٍ مُّبِينٍ} أي: البين الواضح، ومنه لازمًا قول كعب بن زهير (¬2):
قَنْواء في حُرتَيْهَا لِلْبَصِيرِ بِهَا ... عِتْقٌ مبينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ

وقد بينا هذا فيما مضى.
الثاني من الأوزان المزيدة: (بيَّن) بالتشديد على وزن (فعَّل) بتضعيف العين، وهذه في القرآن كثيرة كما قال: {نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ} [المائدة: آية 75] وهي كثيرة في القرآن العظيم، وهي تأتي في كلام العرب أيضًا متعدية ولازمة، وذكرنا شواهدها لازمة كما في مثل: (قد بيَّنَ الصبحُ لذي عينين) (¬3) إلى آخر ما ذكرنا من شواهدها.
الثالث: (استبان) على وزن (استفعل) وقد ذكرنا أنها تأتي متعدية أيضًا ولازمة، وأن تعديها ولزومها جاء مثالهما في القراءتين في قوله: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: آية 55] لأنه فيه قراءتان سبعيتان (¬4) {ولتستبين سبيلَ المجرمين} {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} فعلى قراءة: {سَبِيلُ} بالرفع، فـ (تستبين) لازمة معناه: تظهر وتتضح، وعلى قراءة: {سبيلَ المجرمين} فـ (تستبين) متعدية للمفعول، تستبين أنت يا نبي الله {سبيلَ المجرمين} أي:
¬_________
(¬1) راجع ما سبق عند تفسير الآية (55) من سورة الأنعام.
(¬2) السابق.
(¬3) مضى عند تفسير الآية (55) من سورة الأنعام.
(¬4) مضى عند تفسير الآية (55) من سورة الأنعام.

الصفحة 48