كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ذلك من جميع النواحي، فنحن جرت عادتنا بأن نتطرق الآية من جميع نواحيها بحسب الطاقة لينتفع كل بحسبه.
[16/أ] /يقول الله جل وعلا: {وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)} [الأعراف: الآيات 101 - 105] اللام موطئة لقسم محذوف، والله لقد جاءتهم. والضمير في قوله: {وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ} عائد إلى الأمم المذكورة في قوله: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا} والله لقد جاءت تلك القرى التي قصصنا عليك من أنبائها رسلهم بالبينات، فجاء نوح قوم نوح، وهود عادًا، وصالح ثمود، وقوم لوط لوط، وقوم شعيب شعيب. هذه الرسل جاءت هذه الأمم. وهذا معنى قوله: {وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ} والله {لَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُمْ} [الأعراف: آية 101] من عندنا، أي: من عند خالقهم {بِالْبَيِّنَاتِ} أي: بالأدلة الواضحة، وهي المعجزات؛ لأن الله ما أرسل نبيًّا قط إلا ومعه معجزة تثبت قوله وتقوم بها الحجة على من أُرسل إليهم.
وقوله: {رُسُلُهُم} الرسل (¬1) جمع رسول، والرسول هو من أُرسل بشيء إلى غيره، وأصل الرسول مصدر، وإتيان المصادر على
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (130) من سورة الأنعام.

الصفحة 50