كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)} [آل عمران: الآيتان 124 - 125] وبعض العلماء يقول: هذه الخمسة الآلاف التي ذُكرت في آل عمران دلت عليها آية الأنفال هذه؛
[2/أ] لأنه في قراءة الجمهور ( ... ) (¬1) / نافع من السبعة: {بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: الآية 9] بصيغة المفعول (¬2).
واختلف العلماء: هل باشرت الملائكة القتال أو لم تباشره؟ فكثير من المؤرخين -وقد جاء في بعض الآثار وبعض الأحاديث- أن الملائكة باشرت القتال يوم بدر، وأن بعض الصحابة يتبع رجلاً حتى يسقط أمامه لا يدري مَنْ قَتَلَهُ؟ قال بعضهم: كنت أتبع رجلاً من الكفار فسمعت صوت سوط ضربه، فإذا وجهه منشق، وجميع وجهه قد اخضرّ ومات (¬3)، وبعضهم قال: أردت أن أمدّ سيفي إلى رجل فسقط رأسه قبل أن يصل إليه سيفي (¬4). لأن الملائكة تقتلهم، وأظهر القولين: أن الملائكة في ذلك اليوم قاتلت، خلافًا لمن قال: إنها للتثبيت والعدد والمدد، وأنها لم تباشر القتال. والذين قالوا: لم
¬_________
(¬1) في هذا الموضع وُجد انقطاع في التسجيل.
(¬2) ستأتي القراءات عند تفسير الآية.
(¬3) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، حديث رقم: (1763) (3/ 1383).
(¬4) أورد السيوطي نحوه في الدر (3/ 173) عن أبي داود المازني رضي الله عنه، وعزاه لعبد بن حميد وابن مردويه. وقد أخرجه ابن جرير (7/ 175 - 176)، وذكره ابن هشام في السيرة ص672.
وأخرج البيهقي في الدلائل (3/ 56) بهذا المعنى عن سهل بن حنيف (رضي الله عنه). وعند البيهقي في الدلائل (3/ 56)، وابن إسحاق عن أبي واقد الليثي، كما نقل ابن كثير في البداية والنهاية (3/ 281).