كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
وقريش يحتفون به ويقولون: أبو الحكم لا يُخلص إليه، وهو -قبحه الله - يرتجز ويقول (¬1):
ما تَنْقِمُ الحربُ العَوَانُ مني ... بَازِلُ عَامينِ حديثٌ سِنِّي ...
لمثلِ هذا ولَدَتْني أُمّي
فقلت لهما: هذا صاحبكما. فابتدراه بِسَيْفَيْهِمَا فأطارا رِجْلَهُ بنصف ساقه، كأنها نواة طائرة من تحت مرضخة من شدة الضربة، فسقط صريعًا وبقي -قبحه الله- في المعركة حتى انهزم عنه قومه، فجاءه عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) ووجده في آخر رَمَقٍ فاحْتَزَّ رَأْسَهُ. قالوا: لما أخذ لحْيَتَهُ وأراد أن يقطع رأسه قال له: ارتقيت صعبًا يا رويعي الغنم!! وقال له: أخبرني لمن الدائرة؟ قال: لله ولرسوله (¬2). فجيء صلى الله عليه وسلم برأس أبي جهل وهو في العريش (صلوات الله وسلامه عليه) (¬3)، وهزم الله الكفار، وقُتل من أشرافهم سبعون، وقتلاهم مشهورون (¬4)، ممن قُتل منهم: أبو جهل، وأمية بن خلف، وزمعة بن الحارث بن الأسود، ومنبه ونبيه ابني الحجاج،
¬_________
(¬1) هذا الرجز ذكره ابن هشام في السيرة ص673.
(¬2) السابق ص 673 - 675. وأما خبر قتل أبي جهل فهو ثابت في الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن عوف وأنس بن مالك، وعند البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(¬3) خبر قطع ابن مسعود رأس أبي جهل أخرجه البيهقي في الدلائل (3/ 86، 88)، والبزار (كشف الأستار) (2/ 317) وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 79) وعزاه للطبراني والبزار، وقال: «وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف» اهـ. وذكره ابن كثير في تاريخه (3/ 288) وعزاه لابن إسحاق. كما ذكره الحافظ في الفتح (7/ 295) وعزاه لابن إسحاق والحاكم.
(¬4) السيرة لابن هشام ص 747.