كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

(الفَعُول) قليل، كالقبول والولوع والرسول، وإنما قلنا: إن أصل الرسول مصدر لأن ذلك يزول به بعض الإشكالات في القرآن؛ لأن الرسول أصله مصدر بمعنى الرسالة، ومنه قول الشاعر (¬1):
لقد كذبَ الواشُونَ ما فُهتُ عندهم ... بقولٍ ولا أَرْسَلتُهم برسولِ

أي: ما أرسلتهم برسالة، وإنما قلنا: إنه مصدر لأن كونه مصدرًا يزيل بعض الإشكالات؛ لأن المصادر إذا وُصف بها ونُعت بها جاز إفرادها وتذكيرها من غير جمع؛ ولذلك جاز إفراد الرسول في حالة التثنية والجمع نظرًا إلى أن أصله مصدر، ومن إفراده في التثنية: قوله تعالى في الشعراء: {فَقُولاَ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: آية 16] وقد ثنَّاه في طه في قوله: {إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ} [طه: آية 47] فإفراده وهو تثنية نظرًا إلى أن أصله مصدر، وتثنيته اعتبارًا بوصفيَّتِهِ الطَّارِئَة وقطعًا للنظر عن مصدريته الأصلية، وسُمع في كلام العرب إطلاق الرسول على الجمع بلفظ المفرد، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي (¬2):
أَلِكْنِي إِلَيْهَا وَخَيْرُ الرَّسُو ... لِ أَعْلَمُهُمْ بِنَواحِي الخَبَرْ

إذا علمت أن أصل الرسول مصدر، وأنه وُصف به، فإذا جُمع كقوله: {جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم} أو ثُنِّي كقوله: {إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ} [طه: آية 47] فذلك للاعتداد بالوصفية العارضة، وإذا أُفرد كقوله: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: آية 16] فذلك نظرًا إلى المصدرية الأصلية كما لا يخفى.
¬_________
(¬1) السابق.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (50) من سورة الأنعام.

الصفحة 51