كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

سياق النفي نقلتها من الظهور في العموم إلى التنصيص الصريح في العموم (¬1).
والعهد: هو ما تجب المحافظة عليه والوفاء به. والأصل: ما وجدنا لأكثرهم عهدًا.
ويُفهم من قوله: {لأَكْثَرِهِم} أن هنالك عددًا قليلاً لهم عهد. وهذا هو ظاهر الآية؛ لأن الذين هم الأكثر لا عهد لهم.
ثم قال: {وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} (إن) هذه وهذه (اللام) فيها خلاف معروف بين البصريين والكوفيين، المذهب المشهور عند علماء العربية وهو مذهب البصريين أن (إن) مخففة من الثقيلة، وأنها مهملة، وأن (اللام) فارقة بين (إن) المخففة من الثقيلة، وبين (إن) النافية، ولا يكاد هذا يوجد إلا مع الفعل الناسخ كما هنا؛ لأن (وجد) كـ (علم) وغيرها من أفعال القلوب.
ومذهب الكوفيين يقولون: إن (إن) نافية، و (اللام) بمعنى (إلا). وهو غريب. والمعنى عندهم: وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين.
والناس على ارتضاء مذهب البصريين دون مذهب الكوفيين في هذه (¬2).
وقوله: {مَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ} [الأعراف: آية 102] بيّن الله في هذه الآية الكريمة أن أكثر الناس لا عهد لهم - والعياذ بالله - لأن من لا عهد له لا خير فيه؛ لأن كل التكاليف عهود. ومن لا يفي بعهد لا يطيع الله في شيء، وقد جاءت آيات قرآنية كثيرة تبين
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (38) من سورة الأنعام.
(¬2) انظر: المصدر السابق (5/ 399 - 400).

الصفحة 55