كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

الرأس فوق العنق، قال: ومعناه فاضربوا رؤوسهم، والعرب معلوم أنها في الحرب تبادر لضرب الرؤوس، ويمدحون الرجال بضرب الرؤوس وفلق الهام، وهو معنى مشهور، كثير في كلام العرب وفي أشعارها، قال الشاعر (¬1):
غَشَّيْتُه وهو في جَأْوَاءَ باسلةٍ ... عَضْبًا أَصَابَ سَواءَ الرأسِ فانْفلقا

يفتخر بضرب الهام. ومنه قول عمرو بن الإطنابة (¬2):
أَبَتْ لي هِمَّتي وأَبَى إِبَائي ... وأَخْذِيْ المَجْدَ بالثمنِ الرَّبيحِ ...
وإقداميِ على المَكْروهِ نفْسي ... وضَربي هَامةَ البطلِ المُشيحِ

والآخر قال (¬3):
نُفَلِّقُ هَامًا من رجالٍ أَعِزَّةٍ ... علينا وهُم كانُوا أَعَقّ وأَظْلَمَا
وضرب الهام مشهور في كلام العرب وفخرها وأشعارها، ومن مدح الرجل للفارس: هذا يضرب القوانس، وهذا يضرب القونس. والقوانس: جمع القونس، والقونس: هو مقدم البيضة من الحديد على رأس الفارس. وقال بعض العلماء: القونس على البيضة، وضرب القوانس: كناية عن ضرب الهام، وهي فوق الرقاب. ومن هذا المعنى قول امرئ القيس بن عابس الكندي (¬4):
¬_________
(¬1) البيت لبلعاء بن قيس، وهو في البحر (4/ 470)، الدر المصون (5/ 579).
(¬2) البيتان في وفيات الأعيان (5/ 241)، سير أعلام النبلاء (3/ 142) مع اختلاف في بعض الألفاظ والبيت الثاني في اللسان (2/ 390)، الدر المصون (5/ 579).
(¬3) البيت في ابن كثير (2/ 293).
(¬4) مضى عند تفسير الآية (165) من سورة الأعراف.

الصفحة 551