كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

معاصيه باستقلال مشيئة العبد وقدرته مذهب لا يخفى سقوطه على عاقل، فإن خالق السماوات والأرض لا يمكن أن يكون في ملكه شيء إلا بمشيئته وقدرته جل وعلا.
{وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: الآية 24] {وَأَنَّهُ} أي: الله {إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} وحده. الحشر في لغة العرب معناه: الجمع. تقول: حشر الإمامُ العلماءَ أي: جمعهم، وحشر الناس أي: جمعهم. ومنه قوله: {وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ} [الأعراف: الآية 111] أي: جامعين يجمعون لك السحرة. فالحشر في لغة العرب: الجمع. والناس كلهم يُجمعون يوم القيامة إلى رب السماوات والأرض كما قال: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: الآية 47] وقد بين في سورة الأنعام أنه يحشر جميع الدواب والطير وجميع ذلك كله، يحشرهم ويجمعهم يوم القيامة، كما تقدم في قوله: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شيء ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)} [الأنعام: الآية 38] فكما أنه يحشر الناس كذلك يحشر الدواب والطير وغير ذلك. وهذا معنى قوله: {وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} ( ... ) (¬1).
وهذه الآية جاءت ناهية عن ذلك، مبينة أن الناس إذا رأوا المنكر يُرتكب علنًا ولم يغيروه وهم قادرون على أن يغيروه أن الله يعم الجميع بعذاب من عنده، ولا يصيب ذلك خصوص الذين
¬_________
(¬1) في هذا الموضع انقطع التسجيل والكلام الآتي يتعلق بقوله تعالى: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً}.

الصفحة 558