كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: الآية 13] أي: لا يبقى شرك على وجه الأرض، كما يدل له قوله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» (¬1). وجاء في سورة الأنعام إطلاق الفتنة على الحجة في قوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتَهُمْ} [الأنعام: الآية 23] وفي القراءة الأخرى: {فِتْنَتُهُمْ} (¬2) ( ... ) (¬3) وهذا معنى قوله: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً}. ودخول نون التوكيد على {لاَّ تُصِيبَنَّ} [مع أنه في غير قسم، ولا طلب، ولا شرط، فيه سؤال معروف،] (¬4) واختلف علماء العربية في توجيهه (¬5)، والذي يظهر أنه يُفهم من هذا أن نون التوكيد تدخل في مثل هذا الأُسلوب؛ إذ لا حاجة إلى التعسفات التي يرتكبها من يريد الجواب عن هذا، مع أن القرآن في أعلى درجات الإعجاز.
و {الَّذِينَ ظَلَمُواْ} معناه: ارتكبوا المعاصي فظلموا أنفسهم.
{خَآصَّةً} أي: في حال كونها خاصة بهم لا تتعداهم إلى غيرهم؛ بل هي تتعداهم إلى غيرهم، أي: لا تصيب خصوصهم بلِ تعمّ وتصيب الجميع. وهذا معنى قوله: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً}.
¬_________
(¬1) مضى تخريجه في الموضع السابق.
(¬2) مضت عند تفسير الآية (155) من سورة الأعراف.
(¬3) في هذا الموضع انقطع التسجيل.
(¬4) في هذا الموضع انقطع التسجيل. وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.
(¬5) انظر: الدر المصون (5/ 589 - 593).

الصفحة 560