كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)} [الأنفال: الآية 26].
[أي: واذكروا حين كان] (¬1) عددكم قليل جدًّا مستضعفون في الأرض، أي: يستضعفكم أعداؤكم، يرونكم ضعفاء، ويعاملونكم معاملة القوي للضعيف، وهذا قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كانوا في [مكة] (¬2) قبل الهجرة عددهم قليل، والكفار يستضعفونهم، ويضربونهم، ويعذبون بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا مختفين في دار الأرقم بن أبي الأرقم قبل إسلام عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وكان لهم بعض عزة نسبيًّا بإسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب (رضي الله عنهما). واذكروا نعمة الله وتذكروا ما نقلكم به من حال الضعف إلى حال القوة، ومن حال القلة إلى حالة الكثرة، وتذكروا هذا الإنعام لتشكروا لمن أنعم عليكم به، وهذا معنى قوله: {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ} القليل: ضد الكثير، والمستضعف: الذي يراه غيره ضعيفًا ويعامله معاملة القوي للضعيف.
{فِي الأَرْضِ} هي: أرض مكة التي كانوا فيها قبل الهجرة.
{تَخَافُونَ} الخوف في لغة العرب: هو الغم من أمر مستقبل. والحزن في لغة العرب: الغم من أمر فائت (¬3) -أعاذنا الله منهما- وربما وضعت العرب الخوف في معنى الحزن، والحزن في معنى الخوف.
¬_________
(¬1) في هذا الموضع انقطع التسجيل، وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.
(¬2) في الأصل: «المدينة» وهو سبق لسان.
(¬3) مضى عند تفسير الآية (48) من سورة الأنعام.

الصفحة 562