كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

أو يتوب الله عليه، فمكث سبعة أيام لا يأكل ولا يشرب حتى خرّ مغشيًا عليه، فأنزل الله التوبة عليه، وقيل له: «تِيبَ علَيْكَ فحُل عنك الرّباط» فقال: «واللهِ لاَ أحِلّه ولا يُحله عني غَيْرُ رسُول الله صَلى الله عليه وسلم» فجاء فحله عنه (¬1).
وكان بعض العلماء يقول: إن الآية التي تاب الله عليه فيها هي التي بعد هذه وهي قوله: {إن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [الأنفال: الآية 29] فهو قد اتقى الله بالندم على ما فات منه، ونية أن لا يعود، وتأنيبه نفسه على الزلة التي صدرت منه بالعطش والجوع حتى خَرَّ مغْشِيًّا عليه، واعترافه بما وقع منه، وجعل الله له فرقانًا أي: مخْرَجًا من ذلك بأن تاب عليه كما يأتي في شرحها. وهذا معنى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ} [الأنفال: الآية 27] خيانة الله: هي تقصيرهم في امتثال أوامره واجتناب نواهيه، وخيانة الرسول: هي التقصير في طاعته كهذا الصحابي الذي أفشى سِرَّهُ إلى يهود بني قريظة، فقد خان الله ورسوله ثم تاب الله عليه.
{وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ} لأن جميع التكاليف كلها أمانات عند
¬_________
(¬1) روى هذا الحديث جماعة منهم:
1 - الزهري. عند ابن جرير (13/ 481)، وعزاه في الدر (3/ 178) لسنيد.
2 - عبد الله بن أبي قتادة مرسلاً (مختصرًا). عند ابن جرير (13/ 482)، وابن أبي حاتم (5/ 1684)، وعزاه في الدر (3/ 178) لسعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
3 - الكلبي. وعزاه في الدر (3/ 178) لعبد بن حميد.
4 - السدي. وعزاه في الدر (3/ 178) لأبي الشيخ.
وذكره الواحدي في أسباب النزول ص235 من غير تعيين راويهِ.

الصفحة 566