كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

المكلفين كما سيأتي إيضاحه في قوله: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ} [الأحزاب: الآية 72].
وكان بعض العلماء يقول (¬1): الأمانات: أوامر الله ونواهيه التي لا يطّلع عليها أحد ولا يعلمها إلا هو؛ لأن الإنسان في بيته قد تكون عليه الجنابة لا يعلم بها الناس، وقد يكون عليه الحدث، وقد يجيء المسجد ولم يغتسل ولم يصل، وقد يغتسل وقد يصلي. هذه أمانات أمَّنَها الله عند هذا لا يعلمها إلا هو، فليس عليه أن يخونها.
والتحقيق: أن الأمانة تشمل جميع التكاليف.
[3/ب] / [وقوله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)} [الأنفال: الآية 28].
نزلت هذه الآية في أبي لبابة (رضي الله عنه) حين قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار] (¬2) بيده إلى حلقه أنه الذبح إن نزلتم على حكم سعد بن معاذ (رضي الله عنه). كان سبب ذلك أن أولاده وماله في بني قريظة فأشفق على أولاده وماله، فأنزل الله: {وَاعْلَمُواْ} أيها الناس {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} (¬3) أي: ابتلاء واختبار كما أوقع الأموالُ والأولادُ - الإشفاقُ عليهم - أوقع أبا لبابة في الزلة {وَأَنَّ اللَّهَ} جل وعلا {عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} أجر الله أعظم من
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (13/ 485).
(¬2) في هذا الموضع انقطع التسجيل. وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.
(¬3) في الروايات التي وقفت عليها أن الآية النازلة فيه هي الآية قبلها، وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ} وذلك أنه كان حليفًا لهم، فلما قدم إليهم قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرقَّ لهم ... إلخ.

الصفحة 567