كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

الأموال والأولاد، فما عند الله خير من غيره، وهذا معنى قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: الآية 28].
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ (31) وَإِذْ قَالُواْ اللهمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} [الأنفال: الآيات 29 - 33].
يقول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)} [الأنفال: الآية 29] نادى الله المؤمنين في هذه الآية الكريمة باسم الإيمان، وبين لهم أنهم إن اتقوا الله فامتثلوا أمره واجتنبوا نهيه أنه يجعل لهم بسبب ذلك فرقانًا فيغفر لهم الذنوب ويكفر عنهم السيئات {إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ} أيها المؤمنون بامتثال أمره واجتناب نهيه {يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا} روى ابن وهب وابن القاسم عن مالك بن أنس إمام دار الهجرة (رحمه الله) أنه سُئل عن قوله: {إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا} قال: معناه يجعل لكم مخرجًا. وتلا قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} (¬1) [الطلاق: الآية 2] والعرب تسمي المخرج من الشيء: فرقانًا. كأنه مصدر زيدت فيه الألف والنون؛ لأن من كان في
¬_________
(¬1) انظر: القرطبي (7/ 396).

الصفحة 568