كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

نكبله بالحديد، ونسجنه في دار، ونقفل بابها، ولا تترك إلاّ كوة ندخل إليه منها الطعام والشراب ونتربص به الدوائر حتى يموت كما مات من قبله من الشعراء، زهير والنابغة وأمثالهم من الشعراء، وفي ذلك يقول الله: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)} [الطور: الآية 30] وهذا الرأي هو المراد بقوله: {لِيُثْبِتُوكَ} [الأنفال: الآية 30] أي: يكبلوك بالحديد ويسجنوك ويتربصوا بك الدوائر حتى تموت.
وقال بعضهم: ويروى أن ممن قاله هشام بن عمرو: اطردوه عنا، نجعله على بعير ونبعده من أرضنا وما علينا ما فعل.
فلما قال أبو البختري الرأي الأول قال له ذلك الشيخ الذي في صورته الشيطان: بئس الرأي رأيك، هذا ليس برأي؛ لأنكم إن أثبتموه بقيود الحديد وأغلقتم عليه الأبواب جاء قومه فأخرجوه وقاتلوكم عليه حتى يخرجوه، وهذا ليس برأي.
فلما قال الثاني: نبعده ونطرده من بلادنا وما علينا فيما فعله هو وسائر العرب. فقال ذلك اللعين: بئس الرأي الذي رأيت، أنتم تعلمون حلاوة لسانه، واستجلابه لقلوب الناس، فإذا خرج عنكم فلا يأمن أن يأخذ بقلوب الناس حتى يكونوا تبعًا له، ثم يغزوكم في بلادكم.
فقال اللعين عمرو بن هشام بن المغيرة المعروف بأبي جهل: الرأي عندي الذي لا رأي غيره: أن تأخذوا من كل قبيلة من قريش شابًّا، وتعطوه سيفًا صارمًا، فيأتيه ذلك الشباب من جميع قبائل قريش فيبتدرونه فيضربونه ضربة رجل واحد، فيتفرق دمه في قبائل

الصفحة 572