كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ورُبَّ أسيلَةِ الخَدَّيْنِ بِكْرٍ ... مُهَفْهَفَة لها فَرْعٌ وَجِيدُ
فقول المرقش الأكبر: (لها فرع وجيد) يعني: لها فرع فاحم وجيد طويل. فحذف الصفة لدلالة المقام عليها. ومنه قول عبيد بن الأبرص الأسدي (¬1):
مَنْ قَوْلُهُ قَوْلٌ، وَمْنْ فِعْلُهُ ... فِعْلٌ، وَمَنْ نائِلُهُ نَائِلُ

يعني: من قوله قول فصل، ومن فعله فعل جميل، ومن نائله نائل جزل. فحذف النعوت لدلالة المقام عليها، ومن هذا القبيل قول الآخر (¬2):
أَكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرَأً ... وَنَارٍ توقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارًا

يعني: كل امرىءٍ تحسبينه امرأً طَيِّبًا له شأن، وكل نار تحسبينها نارًا. يعني: نارًا موقدةً للقِرى. فحذف الأوصاف لدلالة المقام عليها كما هو معلوم في محله.
قوله: {وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: آية 102] (إن) مخففة من الثقيلة، والتقدير: وإنه، أي: الأمر والشأن وَجَدْنَا أكْثَرَ النَّاسِ لفاسقين. (اللام) هي الفارقة على التحقيق بين المخَفَّفَة من الثقيلة والنافية، كما هو معروف في محله.
والفاسقون: جمع تصحيح للفاسق، والفسق في لغة العرب: الخروج، فكل من خرج عن الطريق فقد فسق، ومنه قول الراجز (¬3):
¬_________
(¬1) السابق.
(¬2) البيت لأبي دؤاد الإيادي. وهو في الكتاب (1/ 66)، شواهد الكشاف ص47، الدر المصون (5/ 634).
(¬3) مضى عند تفسير الآية (59) من سورة البقرة.

الصفحة 58