كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

مُوجبه هنا، وقد عُرف في فن الصرف أن الإعلال إذا تَكَرَّرَ موجبه يكون الإعلال غالبًا في الأخير. وهنا خولف الأغلب، وصار الإعلال في الأول، فأُبدلت الياء الأولى ألفًا، وصُححت الياء الثانية، وفيه أقوال غير هذا ولكن هذا أشهرها عندهم.
والآية في لغة العرب: تطلق إطلاقين:
أحدهما: تطلق الآية ويراد بها العلامة. وهذا إطلاقها المشهور. تقول: آية كذا. أي: علامة كذا. وقد جاء في شعر نابغة ذبيان -وهو عربيّ جاهليّ- تفسير الآية بالعَلاَمَة، وذلك في قوله (¬1):
تَوَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها ... لِسِتَّةِ أعوامٍ وذا العام سابعُ

ثم فسر الآية بأنه يريد بها علامات الدار، وما تشخص من آثارها بقوله:
رماد ككُحْلِ العينِ لأْيًا أُبينه ... ونُؤيٌ كجِذْمِ الحوضِ أثلَمُ خاشِعُ

الإطلاق الثاني: هو إطلاق الآية على الجماعة؛ لأن العرب تقول: جاء القوم بآيتهم. أي: بجماعتهم. ومنه قول برج بن مسهر الطائي أو غيره (¬2):
خَرَجْنَا مِنَ النقْبَيْن لا حَيَّ مِثْلِنَا ... بآيتِنَا نُزْجِي اللّقَاحَ المَطَافِلاَ

أي: بجماعتنا.
والآية هنا بمعنى العلامة؛ لأن المعجزات أفعال خارقة للعادة
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (46) من سورة البقرة.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (73) من سورة البقرة.

الصفحة 61