كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

هذه الأوصاف لا يصدقه، وموسى يعلم ذلك. فأكد له في هذه الآية الكريمة من سورة الأعراف أنه رسول حقيق الرسالة، ليست رسالته بكذب ولا بزعم باطل، أنها رسالة صحيحة حق لا شك فيها، وأنها كائنة من رب العالمين، وهذا معنى قوله: {وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ} ناداه باسمه {إِنِّي رَسُولٌ} رسالته مبدؤها {مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} (العالَمين) تشمل من في السماوات والأرض وما بينهما كما يأتي في الشعراء في قوله: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ (24)} [الشعراء: الآيتان 23، 24] {إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} (من) لابتداء الغاية.
{حَقِيقٌ} أصل مادة (الحاء والقاف والقاف) في لغة العرب تدل على الثبوت وعدم الاضمحلال. معناه: إني رسول حقيق. أي: رسالتي لا شك فيها، وأني رسول ثابت في ديوان المرسلين، رسالتي حق لا شك فيها، وأني رسول مبدأ رسالته من رب العالمين.
أما على قراءة نافع فمعنى الآية واضح، ومعناه: {عَلَيَّ أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللَّهِ} يلزمني ويجب علي أن لا أقول على الله إلا الحق، فما أخبرتك يا فرعون إلا بالحق، وأني رسول من رب العالمين، ولو ربيتني وقتلتُ القبطي قتلة متقدمة، كل ذلك لا ينافي أني رسول، وأني صادق في مقالتي، فما قلت على الله إنه أرسلني إليك إلا وأنا قائل عليه بالحق لا كاذب عليه ولا متخرص.

الصفحة 66