كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

مُضمّن معنى (حريص) على قراءة الجمهور، قالوا: {حقيق على أن لا أقول} [الأعراف: آية 105] أي: حريص على أن لا أقول على الله إلا الحق، واستشهد لهذا التضمين صاحب الكشاف في كشافه (¬1) بالبيت الذي أَنْشَدَهُ سيبويه في الكتاب (¬2)، قال: ومثله تضمين بيت الكتاب (هيجني) بمعنى: ذكَّرني. والبيت الذي يعني هو البيت المشهور في كتاب سيبويه وهو قول الشاعر (¬3):
إِذا تَغَنَّى الحمامُ الوُرْقُ هَيَّجَنِي ... ولو تَسَلَّيْتُ عنها أُمَّ عَمَّارِ

قالوا: (هَيَّجَنِي) معناه: فَكَّرَنِي أمَّ عَمَّار ولو تسلت عنها، وهذا القول من الأقوال التي لا تظهر، فلا يخلو عندي من بعُد، والله أعلم.
وقال بعض العلماء (¬4): في الآية الكريمة قلب. وهذا القلب الذي يعنون هنا هو المعروف بالقلب العربي الذي فيه النزاع بين البلاغيين والنحويين كما هو معروف في محله، وهذا القلب أنكره جماعة من العلماء، وقال به جماعة. والحق أن هذا القلب العربي وإن أنكره البلاغيون وقالوا لا يجوز في العربية إلا إذا تضمن اعتبارًا لطيفًا، وسرًّا من أسرار اللغة العربية، وبغير ذلك لا يجوز. والنحويون يجيزه أكثرهم أنه أسلوب عربي إذا دل المقام عليه، وهو موجود في القرآن، وكثير في كلام العرب كما سنُلم به الآن إن شاء الله.
¬_________
(¬1) الكشاف (2/ 80).
(¬2) الكتاب (1/ 286)
(¬3) البيت للنابغة، وهو في ديوانه ص21.
(¬4) انظر: الدر المصون (5/ 401 - 402).

الصفحة 68