كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

أُرسلت. أي: أرسلني رب العالمين، أرسلني على أن لا أقول عليه كذبًا، ولا أقول على الله إلا الحق، وهذا الوجه واضح لا إشكال فيه، ليس فيه تعسف ولا تكلف، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره وإن قل من انتبه إليه من علماء التفسير. وهذا معنى قوله: {حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ} [الأعراف: آية 105].
الحق في لغة العرب: الثابت الذي ليس بزائل ولا بمضمحل، وعكسه الباطل. والمراد بالحق هنا: هو الشيء المطابق للحقيقة والصواب والواقع في نفس الأمر.
{قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} قد قدمنا أن البينة (¬1) هي الدليل الواضح الذي لا يترك بالحق لبسًا.
{بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} (من) لابتداء الغاية، والرب هو السيد الخالق المدبر الذي يدبر أمور الناس، وهو مُشْتَرك بين عشرة معان كما قدمنا (¬2).
{فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (إسرائيل) هو نبي الله يعقوب (عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام)، ومعنى: (إسرائيل): عبد الله، و (إسرائيل): هو يعقوب، و (بني إسرائيل): أولاد يعقوب؛ لأنكم عرفتم في القرآن في قصة يوسف أنه لما أرسل إليهم وجاءوه في آخر حياة يعقوب، واجتمعوا به في مصر، سكنوا بعد ذلك في مصر وتناسلوا، وحتى سلط الله عليهم فرعون وأهانهم الإهانة المشهورة المعروفة بالقرآن، وسيأتي بيانها في هذه السورة الكريمة - سورة
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (73) من سورة الأعراف.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (45) من سورة الأنعام.

الصفحة 72