كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

الأعراف - وكان الله (جل وعلا) سلط فرعون مصر على الإسرائيليين فكان يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم ويستعمل الموجودين منهم بالخدمة الشاقة، وأنقذهم الله منه على يد موسى بن عمران (عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام). يزعم بعض المفسرين والمؤرخين أن بين مجيء يعقوب وأولاده ليوسف في مصر وبين مجيء موسى من مدين - لينقذهم من فرعون - يزعمون أن بينهما أربعمائة سنة والله أعلم. ويزعمون أيضًا أن مجيء يعقوب وأولاده أنهم كانوا حول الثمانين، وأن خروج الإسرائيليين الآتي ذكره من مصر عند فلق البحر لهم وإغراق فرعون وقومه أنهم كانوا يزيدون على ستمائة ألف والله تعالى أعلم.
وهذا معنى قوله: {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} معنى (أرسل معي بني إسرائيل) ارفع يدك عنهم، ولا تعذبهم، ولا تتعرض لهم بسوء، وخلّهم يذهبون معي إلى حيث يشاءون، هذا معنى قوله: {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: آية 105].
{قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ} [الأعراف: آية 106] في هذه السورة الكريمة لم يذكر عن فرعون أنه تعرض لموسى بكلام وإنما أجابه على طبق السؤال؛ لأن موسى قال: {قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} ورتب عليه بالفاء {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: آية 105] قال فرعون مجاوبًا على طبق السؤال: {إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا} يعني إن كنت صادقًا في قولك: {قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} فالبينة (¬1): الدليل الذي لا يترك في الحق لبسًا. والآية: العلامة على الصدق،
¬_________
(¬1) مضى قريبًا.

الصفحة 73