كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} وفي القراءة الأخرى (¬1): {فَيَسْحَتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَن افْتَرَى} [طه: آية 61] ثم ذكر عن السحرة ما ذكر في قولة: {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)} [طه: الآيات 62 - 64]. لما أجمعوا كيدهم وجاءوا صفًّا قالوا لموسى: {إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} [الأعراف: آية 115] (إما) هذه أداة تقسيم معروفة، والمصدر المنسبك من (أن) وصلتها في إعرابه للعلماء وجهان:
أحدهما: أنه في محل نصب بمفعول محذوف. والمعنى: إما أن تختار أن تلقي أولاً، أي: تختار إلقاءك قبلنا، وإما أن تختار كوننا من الملقين؟ ومفعول الإلقاء لم يذكر هنا إلا أنه ذكر قي آيات أُخر، فإلقاء موسى مفعوله العصا، والمعنى: إما أن تلقي عصاك وإما أن نكون نحن الملقين حبالنا وعصينا؛ لأن الذي يلقيه هو: هو عصاه، والذي يلقونه: هو حبالهم وعصيهم كما قال هنا: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} [الأعراف: آية 117] فبين أن الذي يلقي هو عصاه، وذكره في طه والشعراء، وبين في سورة الشعراء أن الذي يُلقيه السحرة هو حبالهم وعصيهم كما قال: {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44)} [الشعراء: آية 44] هذا معنى قوله: {إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ}.
الوجه الثاني: أن المصدر المنسبك من (أن) وصلتها في محل
¬_________
(¬1) انظر: المبسوط لابن مهران ص295.

الصفحة 76