كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

رفع مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: إما إلقاؤك أولَ، وإما كوننا نلقي أولَ.
وقال بعض العلماء: هو خبر مبتدأ محذوف: إما الأمر إلقاؤنا، وإما الأمر إلقاؤك. والكل متقارب، وهذا معنى قوله: {إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ}.
يقول جماعة من علماء التفسير هنا: إن هذا حُسن أدب من السحرة، تأدبوا مع موسى هل يحب أن يكون هو أول من يلقي، أو يلقي هو الآخر. وحتى قال بعضهم (¬1): لما تأدبوا مع نبي الله كان من حكمة الله أن تفضّل عليهم بالهدى والإيمان. والتحقيق الذي يظهر: أن السحرة في ذلك الوقت كفرة فجرة قبل أن يهديهم الله، وأن هذا كأنه إظهار ثقتهم بأنفسهم وسحرهم واعتقادهم أنهم غالبون، يعنون: إن ألقيت قبلنا غلبناك، وإن ألقينا قبلك غلبناك، فإن شئت فتقدم، وإن شئت فتأخر!! هذا هو الأظهر، وهذا معنى قوله: {إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} [الأعراف: آية 115] قال لهم نبي الله موسى: تقدموا أنتم أولاً وألقوا قبلي. ومفعول (ألقوا) محذوف، ألقوا ما أنتم ملقون.
{فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44)} [الشعراء: آية 44] فلما قال لهم نبي الله موسى: «ألقوا» يعني: ألقوا ما أنتم ملقون. يزعم بعض المفسرين أنهم نحو من [] (¬2) عند كل واحد منهم عصا ضخمة، وحبل ضخم، وأن كل واحد منهم جعل السحر في عصاه وحبله، حتى كانت الدنيا كأنها حيات كالجبال
¬_________
(¬1) انظر: القرطبي (7/ 259).
(¬2) لم تتضح الرقم المذكور لضعف التسجيل الصوتي، وكأنه قال: ((سبعمائة ألف)). وللوقوف على الأقوال في عددهم انظر زاد المسير (3/ 240 - 241) حيث ذكر (13) قولاً.

الصفحة 77