كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ليس فيه حبل وليس فيه عصا!! ويقول المؤرخون والمفسرون (¬1): إن الخلق خافوا خوفًا شديدًا، وأنه مات منهم عدد من الآلاف كثير من شدة الزحام هربًا من خلقها!! ويزعمون أن فرعون كان في مجلس له هو وقومه ينظر، وأنه داخله خوف شديد حتى قال بعضهم: إِنَّهُ سَلَحَ ثلاثمائة سلحة (¬2)!!
وقال بعضهم: كان لا يأتي الغائط في أربعين يومًا إلا مرة واحدة وفي ذلك اليوم وقع منه ذلك أربعون مرة كما يقولون!! والله أعلم.
وعلى كل حال لما ألقى موسى العصا واستحالت إلى هذا الثعبان العظيم والتقمت جميع ما كانوا يكدّسونه من الحبال والعصي ولم يبق فيهم شيء، وجاء موسى وأخذها بيده فإذا هي عصاه، ولم يوجد أثر ولا عين لتلك الحبال والعصي، عرف السحرة أن هذا أمر من خالق السماوات والأرض فخرّوا ساجدين لله بإيمان صحيح، وإخلاص عظيم رغم فرعون، وقالوا: آمنا بالله رب العالمين، رب موسى وهارون، وداخلتهم بشاشة الإيمان مداخلة هائلة عظيمة، فعبّر الله عن شدة عظم البرهان بقوله: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)} [الأعراف: آية 120] عبر بقوله: {وَأُلْقِيَ} كأن إنسانًا أمسكهم وألقاهم ساجدين بالقوة لقوة البرهان الذي رأوا به الحق،
¬_________
(¬1) انظر: القرطبي (7/ 258 - 259).
(¬2) قال في المصباح المنير: «سلح الطائر من باب (نفع) وهو منه كالتغوط من الإنسان» اهـ (مادة: سلح) ص108.

الصفحة 84