كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

مرارًا (¬1) لشدة الحاجة إليه-: أن المذهب المُنجي في صفات الله تبارك وتعالى التي ازدحمت فيها عقول العقلاء، وضلّ آلاف الناس من جهة التعطيل، وضلّ آلاف الناس من جهة التشبيه، والتمثيل، أن المذهب المنجي عند الله -الذي لا شك فيه، وأنه الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام وسلف هذه الأمة-: وهو ما يقال له: «مذهب السلف» في اصطلاح الناس، أن انتهاجه هو الصواب، وهو المنجي عند الله، وهو العمل بنور القرآن الذي لا شك فيه، فقد أوضحناه لكم مرارًا سنين متعددة، ولا نزال نوضحه ونكرره لشدة الحاجة إليه، وكثرة من غلط فيه من فحول النظار.
اعلموا أيها الإخوان - وفقنا الله وإياكم لما يرضيه - أن العمل بضوء هذا المحكم المنزل الذي لا شك أنه على قدم الصواب أن تُجرى آيات الصفات على ثلاثة أصول، إن لقيتم الله وأنتم على هذه الأصول الثلاثة -لم تُخلّوا بواحد منها- فلا شك أنكم تلقون ربكم وأنتم على عقيدة صحيحة، وصلة بالله متينة، ومذهب حق. وإن أخللتم بشيء منها أدخلتم أنفسكم في بلية. واحذروا من قال وقيل، وعلم الكلام، وغير ذلك.
وهذه الأصول الثلاثة:
الأول منها: - أيها الإخوان - هو أساس التوحيد الأكبر، وهو الحجر الأساسي للصلة بالله صلة صحيحة. هذا الأساس الأعظم هو تنزيه خالق السماوات والأرض (جل وعلا) عن أن يشبه شيئًا من خلقه في شيء من ذواتهم أو صفاتهم أو أفعالهم، وكيف يشبهونه؟!
¬_________
(¬1) راجع ما سبق عند تفسير الآية (52) من سورة الأنعام.

الصفحة 9