كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ما نقِموا من بني أُمَيَّةَ إلا ... أنهم يَضرِبُون فَيَغْلِبُون

وهو كثير في كلام العرب، كقوله: {أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [الحج: آية 40] ومنه قول نابغة ذبيان (¬1):
ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ فلُولٌ مِنْ قِراعِ الكَتَائبِ

وهذا معنى قوله: {إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} [الأعراف: آية 126] اصبب علينا صبرًا عظيمًا نواجه به نكال هذا الجبار.
والصبر في لغة العرب التي نزل بها القرآن: هو حبس النفس عن المكروه، تقول: صبرت نفسي. ومنه قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} ومادته تتعدى وتلزم، ومن تعديها قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} [الكهف: آية 28] وقول عنترة العبسي (¬2):
فَصَبَرْتِ عَارِفَةً بِذَلِكَ حُرَّةً ... تَرْسُو إِذَا نَفْسُ الجَبَانِ تَطَلَّعُ

كما هو معروف.
والصبر في اصطلاح الشرع (¬3) خصلة عظيمة يندرج فيها جميع خصال الإسلام؛ ولذا قال الله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: آية 10] ومن سادات الصابرين: الصائمون؛ لأنهم صبروا لله عن شهوات بطونهم وفروجهم طاعة لربهم.
والصبر في اصطلاح الشرع يستلزم الصبر عن جميع المعاصي
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (38) من سورة الأنعام.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (45) من سورة البقرة.
(¬3) السابق.

الصفحة 95