كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ألَمْ أكُ جَاركُمْ وَيَكُونُ بَيْنِي ... وَبَيْنَكُمُ المَوَدَّةُ والإِخَاءُ

كما هو معروف في محلّه، وأظهر القولين: أنها عطف على الفعل المنصوب في {لِيُفْسِدُواْ}.
{وَيَذَرَكَ} يعني: يتركك وآلهتك، لا يعبدك ولا يعبد آلهتك. يزعم المؤرخون أن لفرعون آلهة يأمر قومه بعبادتها، وهم يتقربون إليه هو بعبادتها، وهو كأنه هو الإله الكبير، كما يأتي في قوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات: آية 24] عليه لعائن الله، وقراءة الجمهور {وَآلِهَتَكَ} ويذرك فلا يعبدك ويذر آلهتك فلا يعبدها، وقراءة ابن عباس: {ويذرك وإِلاهَتكَ} (¬1) أي: وعبادتك. وهي قراءة شاذة، فـ (الإلاهة): العبادة. قال فرعون لهم: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ}، سنُنكل بهم ولا نمهلهم، {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ}، كل مَنْ يولَدُ لهم قَتَلْنَاهُ {وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ} نترك بناتهم {وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} ( ... ) (¬2) يعني: فوقيّة مكانة ومنزلة، قاهرون لهم، مذللون لهم تحت سلطاننا.
وهذه الآية الكريمة تدل على أن فرعون ذبح أولاد بني إسرائيل تذبيحتين:
التذبيحة الأولى التي كانت سببًا لجعل أم موسى موسى في التابوت، كما سيأتي خبرها مفصَّلاً في سور من كتاب الله، حيث قال لها: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} [القصص: آية 7] وخوفها عليه أي من قتل فرعون للأولاد حذرًا من ذلك الغلام الذي سيزول ملكه عليه.
¬_________
(¬1) مضت عند تفسير الآية (59) من هذه السورة.
(¬2) في هذا الموضع وقع مسح يسير في التسجيل، وهو لا يؤثر؛ لأن المعنى مستقيم بصورته الحالية.

الصفحة 99