كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 4)

إلا المنع، قد نسي عواقب الأمور وحوادث الدهور، ينكر الإحسان لأنه لايلتذ بالشكر ولا يطرب على المدح، خبزه مختوم ورغيفه محلى، ودرهمه في الدرك الأسفل من النار، فمن ذا يهوي إليه أو ينقض عليه؟! ولقد قدم ابن المعتصم عليه، وهو شيخ الرملة، والمشار إليه بفلسطين، فقدم على ما ساءه وناءه، حتى قال يوماً غير مكترث: لقد اقشعررت بتلك الديار من ضيم لعله ما كان ينالني، ولو نالني لما كان يغيظني، وأسندت نفسي إلى ابن عم بالعراق، ولو سلخني، ونفخوا في جلدي نفخاً، لكان أهون علي مما قد عاملني به.
طال هذا الفصل وما أدرت ذلك كله، ولكن لتمزيق عرض اللئام حلاوة لا توجد في مدح الكرام، وكان بعض المشايخ يقول: إن مادح الكريم طالب مزيد بعد استقلاله بنفسه، وهاجي اللئيم منتصف من الظالم، وفي الانتصاف نوع من الظفر، والظفر مطلوب كل نفس، ومنية كل ذي حس، وأنا أعوذ بالله من مدح يصحبه تكلف، وهجو يطور به تكذب، وأسأله أن يكفيني حصائد هذا اللسان، وعرامة هذا الطبع، وطغيان هذه النفس، فهو خير معوذ به وأكرم مسؤول ما عنده.
كان عند بعض الملوك ثلاث نسوة: فارسية وعربية ونبطية، فقال للفارسية ذات ليلة: أي وقت هذا؟ قالت: سحر، قال: وما يدريك؟ قالت: وجدت رائحة الرياحين، وقال للعربية أخرى: أي وقت هذا؟ قالت: سحر، قال: ومن أين عملت؟ قالت: وجدت برد خلخالي، ثم قال للنبطية ليلة أخرى: أي وقت هذا؟ قالت: سحرن قال: وما يدريك؟ قالت: أريد أخرى.

الصفحة 102