كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 4)

ترتيب، ولكن اطردت عليه العامة وأشباه العامة من الخاصة هذه النوادر وهذه الشبه، فإن المعتضد ما اختاره للسفارة والصلح والكلام في حال قد تشعثت، وركن قد وهن، وقصة قد استبهمت، إلا والمرجو منه والمأمون في والمظنون به فيما يأتيه ويستبقله من أمر نظير ما قد شاهده في ماضي أيامه. وقد رأة الناس آثار المعتضد وعزائمه وبأسه وإقدامه حتى قيل هو المنصور الثاني، ويقال هو الذي أعاد بهجة دولة بني العباس ومارس فيها أحسن مراس، فرجل حزمه معروف وثباته موصوف، كيف يستبطن ابن الجصاص ويختصخ إلا وهناك عقل كامل، وثبات وفضل غامر، وعزيمة وصبر وتأب واقتدار، وتلطف وتجربة؛ فهل كان يجوز أن ينعقد أمر قد تفاقم، واشتد وتعاظم، برسالة أحمق وسفارة أخرق، أو من إن سكت احتقر، وإن تكلم استخف به؟ هذا ما يكون ولا يتعلق به الظنون.
قلت هذا كله لابن غسان البصري فقال: إن الجد ينسخ حال الأخرق،

الصفحة 106