كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 4)

قال ابن قريعة القاضي: سمع أعرابي قارئاً يقرأ " الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم " الأنفال: 2 فقال الأعرابي: اللهم لا تجعلني منهم، فقيل له: ويحك لم قلت هذا؟ فقال: لولا انهم قوم سوء لم توجل قلوبهم.
حكيت هذا لبعض مشايخنا الصوفية فقال: لقد أخطأ الأعرابي وأصاب، فاما وجه خطائه فمكشوف، وأما تأويل صوابه فمليح، فقلت: زدني فهماً: يا هذا " إلا من آمن " سبأ: 37. هذا ما قال لي، والمفهوم فيه مقسوم بيني وبينك، فغن وقع لك كما وقع لي فخذ الفائدة، منه وإن تكن الأخرى فلا ترحمنا حسن الظن منك فهو أدنى ما نستحق على مثلك، مع فضلك وطيب عنصرك ولاتساعك لمعاذير إخوانك.
وإنما أعرض في هذه المواضع مسترسلاً بقلمي، مع نفسي أو من يجري مني مجرى نفسي، فلا أحتشك، لأن غرضي في جميع ما خلدته في هذا الكتاب غرض سليم، ونيتي فيه حسن وغايتي محمودة، وما أبور فيه إلا على حاسد لا يشفيه مني إلا ان يعيني الله من نعمته، ويخليني من صنعه، والله تعالى لا يبلغه أمانيه، ولاينجح له مساعيه؛ أو جاهل بمواقع ما قد نكت

الصفحة 109