كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 4)

قال بعض النحويين: الألف واللام يدخلان في الكلام على خمسة أوجه: لتعريف الجنس، نحو قولك: أهلك الناس الدرهم والدينار، ولم ترد درهماً بعينه ولا ديناراً وإنما أردت الجنس، ومنه قوله " إن الإنسان لفي خسر " العصر: 2 يعني الجنس، والدليل عليه قوله عز وجل " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " العصر: 3 لأن الأستثناء وقع في الجميع؛ ويدخلان للعهد نحو قولك: مررت بالرجل، وأخذت الكتاب، فتريد بهما ما سلف العهد به؛ ويدخلان للخصوص نحو قولك: وجدت الشمس طالعة والقمر قد غاب، والنجم قد ارتفع - بالألف واللام - قد دخلتا للخصوص لأنك تعرف واحداً من أمة، لأنك إذا قلت: قد طلع النجم علم أنه الثريا وألزم الألف واللام للتخصيص؛ ويدخلان للإشاعة والإفهام كقولك: الذي في الدار زيد، والتي قامت هند، ألا ترى أن هذا الاسم شائع في بابه غير مخصوص يدخل تحته كل ذكر وأنثى من الآدميين وغيرهم، وإنما يتبين معناه للأسم الذي يجيء بعده فيكون خبراً له وهو قولك: الذي في الدار زيد، لو قلت: الذي في الدار، لم يكن كلاماً، ولا دل هذا على شخص بعينه، فحين قلت زيد وقعت الفائدة في الجملة؛ ويدخلان في الأسماء المنقولة من باب الأوصاف إلى باب الأسماء الأعلام، وهو قولك: العباس والحكم والحارث والفضل، فالألف واللام في هذه الأسماء لم يدخلا لتعريفها وإنما دخلتا عليها حين كانت أوصافاً كقولك: مررت بالرجل الحكم، وبالرجل العباس، فلما قصدوا أن يسموا بها نقلوها مع الألف واللام إلى باب: زيد وعمرو، ومن العرب من يقول: حارث وعباس وحكم، فكأنه نقلها إلى باب الأعلام على تنكيرها حين قيل: مررت برجل حكم؛ فأما الأسماء التي لزمت حذف الألف واللام فإنها

الصفحة 134