كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 4)

كتب الحجاج بن يوسف إلى عبد الملك بن مروان كتاباً يقول فيه: أما بعد فإنه ينزغ بي شيطان في المنام يقول لي: أضعت دينك ودنياك بإصلاح دنيا عبد الملك، قتلت له الرجال، وأخذت له الأموال، وفعلت وفعلت؛ وأعلمته أنه من نزغه في على باطل، وأني من ديني على يقين، وأحببت أن لا يخفى على أمير المؤمنين شيء من سري، كما لا يخفى عليه شيء من علانيتي.
فلما ورد كتابه على عبد الملك كتب جوابه بيده: أما بعد فإن الله عز وجل وله الحمد قد وكل بي ملكاً يقول لي في النوم واليقظة: أضعت دينك ودنياك بإصلاح دنيا الحجاج فسلطته بسلطان الله عز وجل لك على الأموال فأخذها من غير حلها، وعلى النفوس فقتلها بغير حقها، فإذا قرأت هذه الأحرف فصر إلي والسلام.
فلما ورد كتاب عبد الملك على الحجاج قال لمحمد بن يونس كاتبه: إن عاقبة التكلف مذمومة، أبر لي قلمين لم يكتب بأغلظ من أحدهما ولا بأدق من الآخر، ففعل محمد، فأخذ ذلك القلم الغليظ وكتب به: بسم الله الرحمن الرحيم، لأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، وكتب بالدقيق: من الحجاج بن يوسف، أما بعد فإن كان قتلي الرجال طاعة لله تعالى ولك سرفاً، وأخذي الأموال طاعة لله ولك تبذيراً، فمرني بأمر آتيه إليه إن شاء الله تعالى.
فلما ورد الكتاب على عبد الملك قال: من يلومني على الحجاج؟ اكتبوا إليه وأقروه على عمله.
قال المدائني: أتي علي بن أبي طالب رضوان الله عليه برجل ذي

الصفحة 144