كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 4)

القضاء بمدينة السلام فتنزه عنه.
أما أبو حامد فإنه أربى على أصحاب هذه الحكايات، زعم أنه ثنوي، وأنه يعتقد ذلك، وبسببه طرده الكرخي من مجلسه، وذلك أنه كان صحب رجلاً مشهوراً بهذا المذهب، فلما وقف الكرخي على ملازمته ذلك الرجل نهاه عنه وقال له: لعلك أحسنت به الظن، وأنت بجهلك بحاله مغرور، فأما الآن وقد عرفناك ما تتابع إلينا فلا خير لك في خلطته، قال: فضمن للكرخي أن لا يلقاه ولا يغشاه وحلف على ذلك، ثم إن الكرخي أذكى عليه عيناً فبلغه أنه يخالطه في السر وأنه لقن عنه مذهب الثنوية فطرده.
هذا أيضاً غريب، ولو كان ما قلته مسموعاً من أنذال الناس لم أعج به ولم أعرج عليه، ولكن هؤلاء هم كالشمس إذا أشرقت، والسماء إذا زهرت، والأودية إذا زخرت بهاء وعلواً وغزارة وفضلاً ونبلاً، وأصحابنا بالري يزيدون على جميع ما حكيته، ونعوذ بالله من قالة الناس، وفتنة الناس بالناس، فهو خالق الخلق ومالك الأزمة.
انظر إلى هذا الحديث كيف يلتبس بعضه ببعض، ويتراكم بعضه على بعض.
ويقال: الحر أيضاً أسفل الجبل، وضد البرد، يقال: حر يومنا، وحر الغلام؛ والحرة: عطش الكبد؛ والحرارة في الجوف وفي الهواجر؛ والحرور: الريح الحارة بالليل كهبة السموم بالنهار، ويقال: السموم قد تمون بالليل أيضاً؛ قال بعض أصحاب الأشتقاق: السموم سمي به لدخولها في مسام البدن، هكذا رأيته في كتاب عتيق فيه أراجيز رؤبة بتفسير أبي عمرو، ولا أدري من أبو عمرو ولعله المازني أو الشيباني.

الصفحة 229