كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 4)

اشترى إسحاق بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس غلاماً فصيحاً، فبلغ الرشيد فأرسل إليه يطلبه فقال: يا أمير المؤمنين، لم أشتره إلالك، فلما وقف الغلام بين يديه قال الرشيد: إن مولاك قد وهبك لي، فقال الغلام: يا أمير المؤمنين ما زلت وما زلت، قال: فسر، قال: ما زلت لك وانا في ملكه، ولا زلت عن ملكه وانا لك، فأعجب الرشيد وقدمه.
وبمثل هذا البيتان والعقل يتقدم العبد على الحر، والوضيع على الشريف.
وكان الفتح بن خاقان، وهو صبي، قائماً بين يدي المعتصم، فقال المعتصم يوماً وفي يده فص: أرأيت يا فتح أحسن من هذا الفص شيئاً؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، اليد التي هو فيها أحسن منه.
اجتاز عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصبيان يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير، فتهاربوا إلى عبد الله فإنه وقف، فقال له عرم: لم لا تفر مع أصحابك؟ قالك لم يكن لي جرم فأفر منك، ولا كان الطريق ضيقالً فأوسعه عليك.
قعد صبي مع قوم فقدم شيء حار فأخذ الصبي يبكي، فقالوا له: ما يبكيك؟ قال: هو حار، قالوا: فاصبر حتى يبرد، قال: أنتم لا تصبرون.

الصفحة 71