كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 4)

أما ترى تماري هؤلاء في هذه القاويل، وجنوحهم فيها إلى الأباطيل، وإعراضهم عن طلب الآخرة بالعمل الصالح والخشوع والإخبات؟ أما يعلمون أن التماري من المرية، والمرية الشك، والشك والتشكك في الدين والعقد يؤديان إلى هلك، ويشقيان على حيرة، وأن الواجب غير ما رأوه واجباً؟ قيل لفيلسوف: كيف للإنسان بأن لا يغضب؟ قال: فليكن ذاكراً في كل وقت أنه ليس يجب ان يطاع فقط بل أن يطيع، وأنه ليس يجب أن يخدم فقط بل أن يخدم، وأنه ليس يجب أن يتحتمل خطأه فقط بل يجب أن يحتمل الخطأ عليه، وأنه ليس يجب أن يصبر عليه فقط بل أن يصبر هو أيضاً، وأنه بعين الله دائماً، فإنه إذا فعل ذلك لم يغضب، وإن غضب كان غضبه أقل.
قال فيلسوف: عوام الناس ظنون ان الله جل جلاله في الهياكل فقط، ويرون أنه يجب أن يتهيأ الإنسان ويحسن سيرته في الهياكل فقط، وأما أصحاب المعرفة فلعلمهم بأن الله تعالى في كل موضع ينبغي لهم أن تكون سيرتهم في كل موضع كسيرة عوام الناس في الهياكل.
قال بعض العلماء: سألت أعرابياً: ما الناقة المرواح؟ قال: التي كأنها تمشي على أرماح؛ قالك أراد طولها.
قال فيلسوف: كما أن الذين يستعملون حواس البدن فقط يمنعهم من الغضب الخوف من الملك المحسوس إذا وقفوا بين يده، كذلك يجب على من

الصفحة 81