كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 4)

العامة تحكى؛ وما أظرف قولهم: شق أستك صيرفي؛ هكذا يقولون.
قال جراب الدولة: كان عندنا بسجستان منجم يعرف بأبي علقمة البستي فقال يوماً من الأيام: غداً يجيء المطر وإن لم يجئ المطر ماتت أمي، فلما كان الغد لم يجئ المطر فدخل فخنق أمه، فقيل له في ذلك فقال: قد أحببت ألا يخطئ حكمي، ولا أكون كاذباً.
هذا طريف جداً.
جاء رجل إلى عابر رؤيا هكذا يقال، والمعبر ضعيف، يقال: استعبرته فعبر، وفي القرآن " إن كنتم للرؤيا تعبرون " يوسف: 43 هذا من غير محققه، وعبر النهر، واستعبر الملاح، واستعبر إذا دمعت عيناه، والعبر - بالضم - سخنة العين، وكذلك العبر، والعبر جانب النهر، والشعري يقال لها العبور، فأما العابور فسحابة هاطلة قليلة اللبث مفرقة القطر كبا الحب، والعبارة اللفظ والمنطق، يقال: فلان حسن العبارة - بكسر العين - فلقد رأيت بعض الرؤساء من الكتاب يهلج بفتح العين، فكان أهل الأدب يعيبون عليه ذلك، فكن متجنباً لشنيع الخطأ وفاحش اللحن، واجتهد في الأخذ بالصواب، فإن تعذر ذلك فاتق ما اشتد فحشه؛ فأما العبير فطيب معروف، ويقال هو الزعفران، وأيضاً الجساد للصوقه بالجسد، ويقال أيضاً الملاب - بالتخفي؛ ويقالك جاء فلان معبراً، هذا من غريب ما حفظ عن أبي عمرو ابن العلاء؛ والعبرة كأنها الدمعة، والعبرة والاعتبار كأنها نظر في ما يتعجب منه ويبكى له - طال هذا الاعتراض، وما أحب أن يتخلج المعنى عليك، أو يقع في ما أرويه بعض ما يقبح في عينيك، ولكن الحديث شجون، والشجون: الرواضع التي تأخذ من النهر العظيم، وشجن الإنسان ما اهتم به وعقد طويته

الصفحة 87