كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 4)

خلائق. فَلَمَّا قدم الْأَمِير أرقطاى إِلَى حلب تلطف بِابْن دلغادر حَتَّى أَعَادَهُ إِلَى الطَّاعَة وَمَا زَالَ يجْهد حَتَّى أصلح بَينه وَبَين طرفوش. ثمَّ الْتفت الْأَمِير أرقطاي إِلَى جِهَة الْأَمِير فياض بن مهنا وَقد كثر عبثه وفساده وَأَخذه قفول التُّجَّار. وبذل الْأَمِير أرقطاى جهده حَتَّى قدم عَلَيْهِ فياض بن مهنا بِظَاهِر حلب فَتَلقاهُ وأنزله وَبَالغ فِي إكرامه وَأخذ عَلَيْهِ العهود والمواثيق بِالْإِقَامَةِ على الطَّاعَة ثمَّ جهزه إِلَى بِلَاده. وَكتب الْأَمِير أرقطاي بذلك إِلَى السُّلْطَان فسر بِهِ سُرُورًا زَائِدا فَأَنَّهُ كَانَ فِي قلق من أَخْبَار فياض وعَلى عزم أَن يجرد الْعَسْكَر إِلَيْهِ ويورى بِقصد سيس. وَأخذ فياض فِي تجهيز الْقود إِلَى السُّلْطَان وسيره فَقدم وَفِيه سَبْعُونَ فرسا قَامَت عَلَيْهِ بِأَلف ألف دِرْهَم وَخَمْسُونَ هجينا وَعشر مهريات وعبي وَغير ذَلِك. ثمَّ قدم فياض عقيب قوده فَأكْرمه السُّلْطَان وَأحسن إِلَيْهِ وأنزله. وَفِي هَذَا الشَّهْر: أَمْسَكت امْرَأَة حرامية من حمام الأيدمرى فِي يَوْم السبت سَابِع عشريه. فضربها الْأَمِير نجم الدّين أَيُّوب أستادار الأكر ووالي الْقَاهِرَة بالمقارع على سَاقيهَا ثمَّ قطع يَدهَا فِي بَاب زويلة. وَفِي مستهل شَوَّال: رسم للأمير أرغون الكاملي بزيارة الْقُدس وأنعم عَلَيْهِ. بِمِائَة ألف دِرْهَم. وَكتب إِلَى نواب الشَّام بالركوب إِلَى خدمته وَحمل التقادم لَهُ وتجهيز الإقامات فِي الْمنَازل إِلَى حِين عوده. ورسم أَن يُنَادي. بِمَدِينَة بلبيس وأعمالها أَنه من قَالَ عَنهُ أرغون الصَّغِير شنق وَألا يُقَال إِلَّا أرغون الكاملي. فشهر النداء بذلك فِي الْأَعْمَال الشرقية فامتثل النَّاس ذَلِك وَتوجه الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن ملغريل فِي خدمته. وَفِيه ركب حَرِيم السُّلْطَان إِلَى نَاحيَة الجيزة للنزهة وصحبتهم الْأَمِير آقسنقر فَأَقَامَ بهم حَتَّى خرج محمل الْحَاج صُحْبَة مغلطاي أَمِير شكار ثمَّ عَادوا. وَحج فِي هَذِه السّنة عدَّة من نسَاء الْأُمَرَاء وبالغن فِي زِينَة محفاتهن ومحايرهن وألبسوا جمالهن الْحَرِير والقلائد المرصعة والمقاود الْحَرِير المزركشه وَفِي أيدهن خلاخل الذَّهَب وعليهن العبي الْحَرِير والأجلة الزركش حَتَّى خرجن فِي ذَلِك عَن الْحَد. وتفاخرن فِيمَا أبدعن وتناظرن وَصَارَت كل وَاحِدَة تُرِيدُ أَن تفوق على صاحبتها

الصفحة 16