كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 4)
وتشبه بِهن غَيْرهنَّ من النِّسَاء. وَلم يعْهَد أَن عمل مثل هَذَا وَلَا قريب مِنْهُ فِيمَا تقدم فأنهن خلعن على الهجانة والسقائين الأقبية الطَّرْد وَحش فَأنْكر فعلهن النَّاس وَذكره قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة فِي خطْبَة الْعِيد بالقلعة وَصرح بالإنكار وصدع بالوعظ. وَفِيه قدم تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان بن مراجل من دمشق وَابْن قرناص من حلب فبذل ابْن قرناص فِي نظر حلب نَحْو ألفي دِينَار حَتَّى رسم لَهُ بِهِ عوضا عَن ابْن الْموصِلِي. فَبعث ابْن الْموصِلِي ابْنه بهديه سنية فِيهَا جوارى حسان وَزوج بسط حَرِير فَقَامَ غرلو مَعَه وأوصله بالسلطان فَقبل هديته وَبسط الْحَرِير بالدهيشة وَأقر ابْن الْموصِلِي على حَاله فَكَانَت مُدَّة ابْن قرناص عشْرين يَوْمًا بألفي دِينَار. وَقَامَ الْأَمِير أرغون العلائي فِي حق ابْن مراجل حَتَّى خلع عَلَيْهِ وَاسْتقر فِي نظر الدولة وَأَجْلسهُ السُّلْطَان بَين يَدَيْهِ وغرلو قَائِم على يَدَيْهِ. فتفاوضا فِي الْكَلَام بِحَيْثُ قَالَ الْأَمِير أرغون العلائي لغرلو: أَنْت شاد بعصاتك إِذا عينت لَك سالا للسُّلْطَان تستخرجه وانصرفا من الْمجْلس وكل مِنْهُمَا يترفع على الآخر. فَاشْتَدَّ ابْن مراجل على الْكتاب وألزمهم بِعَمَل الْحساب ورسم عَلَيْهِم وَكتب بِطَلَب مبَاشر الشَّام. فَلَمَّا كَانَ بعد ثَلَاثَة أَيَّام تكاشف هُوَ غرلو وترافعا إِلَى السُّلْطَان فأخرق السُّلْطَان بغرلو وألزمه أَن يمتثل مَا يرسم لَهُ بِهِ ابْن مراجل وَلَا يتعداه. وَفِيه قدم من دمشق عَلَاء الدّين الْفَرْع وتوصل إِلَى السُّلْطَان وَقدم لَهُ تقديمة جليلة وَسَأَلَهُ فِي قَضَاء دمشق عوضا عَن تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ فرسم لَهُ بِهِ ففام الْأَمِير جنكلى ابْن البابا مَعَ السُّلْطَان فِي اسْتِقْرَار السُّبْكِيّ على عَادَته حَتَّى أَجَابَهُ وعوق توقيع الْفَرْع وَعوض عَن تقدمته الْأَوْقَاف بِدِمَشْق. وَفِيه قدم الْخَبَر بِأَن قَاصد نَائِب حلب توجه إِلَى سيس بِطَلَب الْحمل وَقد كَانَ تكفور كتب فِي الْأَيَّام الصالحية بِأَن بِلَاده خربَتْ فسومح بِنصْف الْخراج. فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ قَاصد نَائِب حلب جهز الْحمل وَحضر كَبِير دولته ليحلفوه أَنه مَا بقى أَسِير من الْمُسلمين فِي مَمْلَكَته كَمَا جرت الْعَادة فِي كل سنة بتحليفه على ذَلِك. وَكَانَ فِي أَيْديهم عدَّة من الْمُسلمين أسرى فبيت مَعَ أَصْحَابه قَتلهمْ فِي اللَّيْلَة الَّتِي تكون خَلفه فِي صحبيتها فَقتل كل أحد أسيره فِي أول اللَّيْل. فَمَا هُوَ إِلَّا أَن مضى ثلثا اللَّيْل خرجت
الصفحة 17
398