كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 4)
وَفِيه كثر لعب النَّاس بالحمام وَكثر جري السعاة وتظاهر أَرْبَاب الملعوب بفنون لعبهم. وتزايد شلاق الزعر وسلط عبيد الخدام الطواشية وغلمأنهم وَعبيد الْكتاب على النَّاس وصاروا كل يَوْم يقفون للضراب فتسفك بَينهم دِمَاء كَثِيرَة وتنهب الحوانيت بالصليبة خَارج الْقَاهِرَة وَإِذا ركب إِلَيْهِم وَإِلَى الْقَاهِرَة لَا يعبئون بِهِ فَإِن قبض على أحد مِنْهُم أَخذ من يَده سَرِيعا فَاشْتَدَّ قلق النَّاس من ذَلِك وَلم يَجْسُر أحد يُنكر شَيْئا من هَذَا. وَفِيه أعرس بعض الطواشية ببعص سرارى السُّلْطَان بعد عقده عَلَيْهَا فَعمل لَهُ السُّلْطَان مهما حَضَره جَمِيع جواري بَيت السُّلْطَان. وجلبت الْعَرُوس على الطواشي ونثر السُّلْطَان عَلَيْهَا وَقت الجلا الذَّهَب بِيَدِهِ فَكَانَ أمرا شنيعاً. وَفِي مستهل ذِي الْحجَّة: قدم الْبَرِيد من دمشق بوفاة الْأَمِير ألماس الْحَاجِب وعلاء الدّين بن سعيد فَكتب باستقرار الْأَمِير بدر الدّين الْأَمِير مَسْعُود بن خطير حاجبا عوضا عَن ألماس وأنعم على مَمْلُوك ابْن سعيد بطبلخاناه بعد بذل نَحْو سِتَّة آلَاف دِينَار. وَفِيه اشْتهر أَخذ البراطيل للسُّلْطَان فقصده كل أحد لطلب الإقطاعات والرزق والرواتب. وَفِيه قدم ابْن سَالم قَاضِي الْقُدس وَقد عَزله السُّبْكِيّ وَأثبت عَلَيْهِ محصرا أَنه بَاعَ أيتاما من يتامى الْمُسلمين الْأَحْرَار لِلنَّصَارَى. وَمَا زَالَ ابْن سَالم يسْعَى بالخدام حَتَّى كتب لَهُ توقيع بِقَضَاء الْقُدس على ألف وَخَمْسمِائة دِينَار حملهَا للسُّلْطَان وَمثلهَا لمن سعى لَهُ. وَفِيه كثرت الإشاعة بِاتِّفَاق الْحَاج الْأَمِير آل ملك نَائِب صفد مَعَ الْأَمِير يلبغا نَائِب الشَّام على المخامرة فَجهز الْأَمِير الْحَاج آل ملك محضراً ثَابتا على قَاضِي صفد بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا رمى بِهِ فَأنْكر السُّلْطَان عَلَيْهِ هَذَا. وجهز منجك السِّلَاح دَار للكشف عَمَّا ذكره فاتفق قدوم بعض مماليك الْأَمِير الْحَاج آل ملك فَارًّا مِنْهُ خوفًا أَن يضْربهُ على شربه الْخمر وَذكر عَنهُ للسُّلْطَان أَنه يُرِيد التَّوَجُّه إِلَى بِلَاد الْعَدو. فَزَاد هَذَا السُّلْطَان كَرَاهَة فِيهِ وَأخرج منجك على الْبَرِيد إِلَيْهِ. فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ حلف أَنه برىء مِمَّا قيل عَنهُ وأنعم على منجك بألفي دِينَار سوى الْخَيل والقماش. وَفِيه نُودي بِالْقَاهِرَةِ ومصر الا يُعَارض أحد من لعاب الْحمام وأرباب الملاعيب والسعاة فتزايد الْفساد وشنع الْحَال.
الصفحة 19
398